ذوى القلبُ فاترًا..وأُضرمت فيه النيران فمالتْ النفس إلى الوابل..فهَرَاقَ اليَعْبُوب ماءه..وما زاد القلب إلا اشتعالًا..كان وابلًا محملًا بالأنين والغُمة..فاعتلمت المشاعر في القلب المسكين وأصدر بدوره صوت الانين..أما الغُمة فعلقها على جداره ليواجه بها فرحة السنين..مهلًا من أوغلك في كل ذلك أيها القلب الحزين؟..قال:ألفيت السعادة في ثوب حزين..فأصبحت كصفوانٍ نحتته السنين..وجنفتني الرئتان من كثرة الشهيق والزفير..وصلدتا عليّ بنبضي..أُثخنت من كل جهاتي..وأصابني الهَرم وزادني فوق عمري أعمار المسنين..فصرت كالذي عشق الصبا فجاءه الموت في غمضة عين..نبذني الجسد الذي يحملني وظن أن الخطب بي..كان يحاول اقتلاعي من بين الضلوع..متجاوزًا الهرمين على جانبي..ربما لو فعل ذلك لأراح نفسه وأراحني..
ولكن ليعلم الناس أن الشهيق والزفير ليسا الحياة..وإن ماتت القلوب ماتت الحياة في عيونهم..لتنبلج الحقيقة لهم فقد أحجبتها أحزان السنين..ودفنوا القلوب في التراب حتى حين..أصاب الردى القلوب يا نفسي من الهموم و الدرن..أصبحت القلوب مترعةً بهما..لا ترى القلوب منهما إلا عسق وغسق فأين ديباج القمر الجميل بعد سواد الغسق القاتم..أين ضوء الفجر الشديد بعد سواد الليل..أصبحت الهموم للقلوب كالسدود المنيعة التي أبت الإنقضاض إلا عليها..منيعة للضوء والسعادة والبهجة والهدوء..لن أنكرَ خروج الهموم مني في لحظة بكاءٍ صادقة من أعماق العيون..ولكن أكثرها يدخل مع كلمة من مجنون..هل لنا أن نعيش نحن القلوب مع بعضنا طالما الأجساد هي لنا السدود.. هل لنا أن نعيش في سلام بلا هموم أو علقم الكلام..هلَّا زلتم عنا أنقاض الهموم وتركتمونا نخرج من درنها ووحلها..هل لنا بحياة سوية وهادئة..؟!