أشعر كل يومٍ أنني أكبُر، ليس يومًا بالعمر فقط، وإنما أكبر بأفكارٍ مُشوَّشة، بتفكيرٍ زائد.. العبرة ليست بالسنين؛ فأنا هنا أكبر دَهرًا كل يوم.
وكعادة ما بعد منتصف الليل.. تهب عاصفةٌ من الذكريات لتجتاح رأسي، تُشعِرُني وكأني قد رُميت إلى البحر دون أي وسيلةٍ للنجاة.
صحيحٌ أن تلك العاصفة كان بإمكانها أن تهدأ ولكن هَيْهَات، كنت دومًا في حاجةٍ ماسَّةٍ لأن يعرفني أحد، لأن يرى كل تلك الندوب في أعماق روحي، كنت بحاجةٍ شديدةٍ لأن أرتمي لأحدهم غارقةً بدموعي؛ ليخبرني أن هذا الوقت سيمضي..
كنت، ولم يكن هناك أحد.
لم أستطِع الكلام يومًا؛ فللبَوْح ضريبةٌ لن أحتمل كُلفتها، وفي كل الأحوال لا أحد يفهمني، حتى أنا.
لأجل ذلك أنا مجبرةٌ على تحمل كل هذا الخراب وحدي.
شعورٌ مؤلم لطالما أشعرني بالعجز، لدرجة أنني أكتب خواطري ثم أتذكر شتاء العالم القارس، فأعود لأنظر للكتابات والخواطر، فإذا بها لا ترتدي أيًا من المَعاطِف، فأتراجع.
بعد تفكيرٍ عميق، أدرك ألا جدوى من البشر؛ لذا ففي نهاية المطاف أُوجِسُ في نفسي وأخبرها أنِّي خائفة، من فضلك.. خُذيني تحت عينيكِ، هل تعرفين ما معنى أن يخاف المرء من المجهول؟